غزة تقسم الجمهوريين أيضاً «ماغا» لترامب لحبّ إسرائيل حدود خضر خروبي الأربعاء 6 آب 2025 تزايد حجم الفجوة بين «ماغا» (
غزة تقسم الجمهوريين أيضاً | «ماغا» لترامب: لحبّ إسرائيل حدود
خضر خروبي
الأربعاء 6 آب 2025
تزايد حجم الفجوة بين «ماغا» (فئة الشباب خصوصاً)، وتيار الجمهوريين التقليديين، الداعمين تاريخيّاً لما يرونه «حلفاً مقدّساً» مع تل أبيب (أ ف ب)
مثّل تراجع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن ربط التمويل الفدرالي للولايات والمدن الأميركية، بموقفها من مقاطعة إسرائيل، أحدث مثال على تخبّط سياسة البيت الأبيض تجاه حكومة بنيامين نتنياهو، والذي جلّاه أيضاً نفي ترامب قبل أيام وجود مجاعة في قطاع غزة، ثم تأكيده وجودها لاحقاً. وبصرف النظر عمّا إذا كان ذلك التخبّط مقصوداً، لاعتبارات قد تمليها "مناورات" واشنطن السياسية والدبلوماسية عندما يتعلّق الأمر بحرب غزة، إلّا أنّ الضغوط المتصاعدة على ترامب لتغيير موقف بلاده من "الإبادة الجماعية"، وتحديداً تلك الآتية من طيف واسع من تيار "ماغا"، باتت واقعاً لا يمكن إنكاره.
تمرّد داخلي: "ماغا" تخلع عباءة "الحلف المقدّس"؟
على مدى الأسابيع الماضية، تضافرت المؤشرات إلى تزايد حجم الفجوة بين "ماغا" (فئة الشباب خصوصاً) من جهة؛ وتيار الجمهوريين التقليديين، الداعمين تاريخيّاً لما يرونه "حلفاً مقدّساً" مع تل أبيب، من جهة ثانية. ومن جملتها، ما لفت إليه موقع "أكسيوس" حول مساعٍ حثيثة تبذلها قيادة الحزب الجمهوري لاحتواء "التمرّد داخل أوساط شبابية في تيار ماغا، المتمحور حول ضرورة (تفسير) ظاهرة معاداة السامية، وتوضيح مدى تماشي المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، المُقدّرة بعشرات المليارات، مع مبدأ (أميركا أولاً)".
وبيّن الموقع الأميركي أن المشاهد المتداولة لتفشّي المجاعة في غزة، إلى جانب القصف الإسرائيلي للكنيسة الكاثوليكية، وتواصل هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الضفة الغربية، فاقمت من نقمة مناصري "ماغا" على إسرائيل، وجعلت من التيار المذكور، مركزاً غير مُتوقّع لإعادة النظر في تحالف الولايات المتحدة مع كيان الاحتلال، وللدفع نحو إعادة ترتيب أولويات الحزب الجمهوري، وذلك على وقع تزايد عدد شباب الحزب المحافظ من أبناء الجيل "Z"، ممَّن ينظرون إلى إسرائيل كـ"حليف انتهازي".
وعن مساعي الإدارة الجمهورية وحلفائها في الكونغرس للعمل على احتواء صعود النبرة النقدية لتل أبيب في صفوف "ماغا"، لفت موقع "بوليتيكو" إلى أنّ ترامب، أسوة بمناصريه الجمهوريين في "الكابيتول هيل"، يحاولون "الموازنة" بين نقد خجول لحكومة نتنياهو، لا يصل إلى حدّ اتهامها بارتكاب "إبادة جماعية"، ودعمهم لإسرائيل.
وبحسب مراقبين للشأن الأميركي، فإنّ تلك الحالة، إنّما تعكس آراء شريحة أوسع من الأميركيين، بما يتجاوز المعسكر الداعم لترامب حصراً، وفقاً لنتائج استطلاع للرأي أجراه معهد "غالوب" أخيراً، وأظهر أنّ ستة من كل 10 أميركيين لا يوافقون على الإجراءات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو رقم يرتفع إلى 9 من 10 لدى الفئة العمرية ما دون سن الـ35 عاماً. وفي حين كشفت نتائج الاستطلاع عن نسبة تأييد واسعة بين الجمهوريين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، تجاوزت الـ70%، إلا أنّه ظهرت أنّ نسبة 50% من الجمهوريين الشباب باتت تحمل نظرة سلبية تجاه إسرائيل، مقارنة بـ35% فقط عام 2022.
9 من كل 10 أميركيين ما دون سنّ الـ35 لا يوافقون على الإجراءات العسكرية الإسرائيلية في غزة
وفي موازاة انتقادات متواترة من الحزب الديمقراطي لمقاربة الإدارة الجمهورية لملف العلاقة مع الجانب الفلسطيني، كانت من تجلياتها دعوة وجّهها 13 نائباً ديمقراطياً إلى ترامب للاعتراف بدولة فلسطينية، إلى جانب صدور بيان مشترك لعدد من أعضاء الكونغرس وصف الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بالـ"مروّعة"، يمكن فهم بروز أصوات جمهورية ناقدة لتساهل الإدارة الأميركية مع الممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين.
وفي مقدّمة هؤلاء يبرز النائب الجمهوري السابق مات غيتز، والنائبة الجمهورية الحالية مارجوري تايلور غرين، المدعومة من "ماغا"، والمحسوبة على اليمين المتطرّف، والتي سبق أن قدّمت، في منتصف تموز الماضي، مشروع قانون يهدف إلى خفض التمويل الأميركي لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي بمقدار 500 مليون دولار، قبل أن تصبح أخيراً أول مشرّع جمهوري يستخدم مصطلح "إبادة جماعية"، لوصف الوضع في غزة.
في ضوء ذلك، خلص"بوليتيكو" إلى أنّ دعم أنصار تيار "ماغا" ممَّن هم دون سن الـ30، لكيان الاحتلال، بات شبه معدوم، مع وجود حالة استياء واسعة من السلوكيات الإسرائيلية، حتى في صفوف كبار السن، المعروفين تاريخياً بتعاطفهم الشديد مع إسرائيل. ولإيضاح هذا الأمر، نقل الموقع عن ستيف بانون، المستشار السابق لترامب والمحسوب على تيار "ماغا"، قوله إن "محاولة نتنياهو إنقاذ نفسه سياسيّاً عبر جرّ الولايات المتحدة إلى عمق حرب جديدة في الشرق الأوسط، أدّت إلى نفور شريحة واسعة من أنصار ترامب المخضرمين من كبار السن"، جازماً أنّ انتقادات ترامب العلنية لسياسة تجويع الفلسطينيين، من شأنها أن "تسرّع من انهيار الدعم" للاحتلال داخل الأوساط الجمهورية المحافظة، مع تأكيده أنّ تلك الانتقادات ليست معزولة عن مزاج شعبي آخذ في التغيّر، خاصة لدى شباب "ماغا".
وبدا لافتاً في هذا السياق، ما كشفته وسائل إعلام عبرية عن نيّة وزارة الخارجية الإسرائيلية تمويل جولة لمؤثّرين يمينيين أميركيين على وسائل التواصل، من فئة الشباب، للاستعانة بهم في مواجهة ما تعتبره الحكومة الإسرائيلية "تراجعاً" في دعم إسرائيل بين الشباب الأميركي.
تغيّر سياسي حقيقي أم تصريح عابر؟
وإذا كان البعض ينطلق من إقرار ترامب، وسط تهاوي شعبيته لتلامس حدود الـ40%، بالتوازي مع ارتفاع نسبة الأميركيين غير الراضين على سياسته الشرق أوسطية إلى 55%، بوجود مجاعة في غزة للاستدلال على حدوث تحوّل في سياسته تجاه تل أبيب، فإنّ آخرين يشكّكون في مدى صحة هذا الاستدلال. وجهة النظر المشكّكة تلك، أوحى بها كلام منسوب إلى مسؤول في الإدارة الأميركية، كشف، في حديث إلى "بوليتيكو"، أنّ الإدارة "تؤيد بيبي (نتنياهو) بشدّة"، مضيفاً أنّ "المهمّة النهائية للرئيس ستتمثّل: أولاً، في إنهاء الحرب؛ وثانياً، في إنهاء عمليات القتل، أو تأمين وقف إطلاق النار، في الحد الأدنى، مع السعي لاستعادة أسرانا، وجعل المنطقة أكثر ازدهاراً".
وفي الاتجاه نفسه، أقرّت مجلة "ذي أتلانتيك"، نقلاً عن مسؤولَيْن أميركيَّيْن، بوجود حالة من "الفتور" بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية، من منطلق قناعة الأول بتحقّق أهداف الحرب على غزة "منذ زمن بعيد"، وإدراكه أنّ الثاني يرغب في إطالة أمدها لحسابات تتّصل بمستقبله السياسي. واعتبرت المجلة الأميركية أنّ ما يظهره ترامب من استعداد لمعارضة نتنياهو، لا يعكس خلافاً جديداً بين الرجلين بقدْر ما يعكس مبدأ مؤسسة الرئاسة القائم على شعار "أميركا أولاً"، مؤكّدة أنّ "ترامب غير راغب في قبول رواية نتنياهو للأحداث"، خصوصاً في غزة.
وفي محاولتها وضع تصورات لمستقبل تعاطي ترامب مع غزة، توقّفت صحيفة "واشنطن بوست" عند تقاطع التحوّلات المتسارعة في الخطاب الرسمي الغربي، بخاصة في بعض العواصم الأوروبية الكبرى، مع تحوّلات مماثلة في الخطاب الشعبي في أوساط التيار المحافظ الأميركي، تجاه الحرب على غزة، وتبعاتها الإنسانية الصعبة، معتبرة أنّ الضغط الدولي على إسرائيل بلغ ذروته. وعرّجت الصحيفة على رفض ترامب إنكار حكومة نتنياهو وجود هذه المجاعة، مرجعةً الأمر إلى "بوادر تحوّل في مواقف التيار اليميني المتشدّد في أميركا".
وختمت الصحيفة بأنّ مفتاح وقف الحرب لا يزال في يد واشنطن، معتبرة أنّ الرهان ينصبّ في هذا المجال على "نزعة ترامب العاطفية وغير المتوقّعة"، في إشارة إلى وجود مَن يعوّل على النزعة النرجسية للرجل لفرض ما يراه متوافقاً مع مصالحه، علماً أنه أكّد مراراً رغبته في الحصول على جائزة "نوبل" للسلام.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها